بدأت حقبة جديدة من قرن جديد في ألفية ثالثة، ومع ذلك فإن أسئلة الألفية الثانية والتي أقلقت البشرية طويلا مازالت مطروحة لم يشفع فيها تقدم علمي هائل وقفزة في الموارد وحجم الاقتصاد العالمي.
السؤال الأكثر إلحاحا، ومع كل ما امتلكته البشرية من معرفة ونهضة : هل يمكن أن يموت الإنسان جوعا أو عطشا وهل يمكن أن يحدث ذلك بالملايين ؟
ولندع ما تتحدث عنه تقارير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة من أن هناك أكثر من مليار نسمة (تحت خط الفقر).. ولنتوقف أمام رقم أكثر تواضعا أذاعته منظمة الأغذية والزراعة في نهاية عام (2000).
الرقم يقول إن هناك (28) مليون انسان في عدد من الدول الإفريقية يموتون جوعا وعطشا.. أما الدول فهي تضم: اريتريا واثيوبيا والسودان والصومال وجيبوتي وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا والكونغو الديموقراطية.. وتقول البيانات إنها ليست الكارثة الأولى، لكنها كارثة متكررة.
في نفس الوقت ـ وفي أواخر عام (2000) ـ أذاعت حكومة السودان أن الجفاف والمجاعة قد اتسع نطاقهما فبعد أن كانت الضربة موجهة لمناطق تقليدية هي دارفور وكردفان وشرق الاستوائية وبحر الغزال امتدت مظاهر الجفاف والجوع إلى مناطق أخرى مثل: جوغلي وبحر الجبل جنوبا، والنيل الأزرق وكسلا في الوسط والشرق. والمحصلة ـ كما تقول البيانات السودانية ـ أن الكارثة تصيب نحو ثلاثة ملايين من السودانيين (مما أدى لهجرة القبائل إلى مناطق الجوار ونشوب نزاعات مسلحة بين القبائل بسبب النزاع على الموارد).
هي الكارثة إذن والتي تدعو المنظمات الدولية مثل (الفاو) وبرنامج الغذاء العالمي لاستصراخ العالم لكي يمد يد المعونة.. فهل تحل المعونات مشكلة إفريقيا ؟ والسؤال هنا افتراضي فالمعونات أيضا لا تتوافر بالقدر الكافي.